التلقيح الصناعي هو مجموعة من العلاجات الطبية المتطورة التي تُستخدم لمساعدة الحيوان المنوي على الالتقاء بالبويضة بغير عملية الجماع، سواء داخل جسم المرأة أو خارجه في المختبر. ويهدف إلى تجاوز العقبات التي تمنع حدوث الحمل الطبيعي، مثل ضعف الحيوانات المنوية أو مشاكل في التبويض أو انسداد قنوات فالوب.
يوجد نوعان رئيسيان للتلقيح الصناعي، وكل نوع يُستخدم حسب حالة الزوجين:
التلقيح داخل الرحم (IUI): في هذا النوع، تُنظَّف الحيوانات المنوية من الشوائب وتُحضَّر في المختبر، ثم تُحقن مباشرة في رحم الزوجة خلال فترة التبويض. الفكرة هنا أن نقل الحيوان المنوي مباشرة إلى الرحم يزيد من فرصة وصوله للبويضة دون أن يتأثر ببيئة المهبل أو عنق الرحم.
التلقيح خارج الرحم (IVF/ ICSI): هنا، تُسحب البويضات من مبيض المرأة، وتُخصّب بالحيوان المنوي في المختبر، وبعد أيام يتم نقل الأجنة الناتجة إلى رحم الزوجة. هذا الخيار مناسب لحالات العقم المعقدة، مثل انسداد قنوات فالوب، أو فشل المحاولات السابقة.
يعتمد اختيار النوع المناسب على تقييم دقيق من الطبيب، وتاريخكِ الطبي ونتائج التحاليل.
هناك أسباب متعددة لإجراء التلقيح الصناعي، يمكن أن تكون من الرجل أو المرأة:
قبل البدء بعملية التلقيح الصناعي، هناك مجموعة من العوامل الأساسية التي ينبغي مراعاتها لضمان أعلى فرص النجاح وتقليل احتمالات الفشل:
العمر: لا يوجد قانون يمنع إجراء التلقيح في سن معين، ولكن من المعروف أن فرصة النجاح تقل تدريجيًّا مع تقدمنا في السن، وخاصة بعد سن الأربعين، بسبب انخفاض جودة البويضات.
الوزن المثالي: يلعب الوزن دورًا مهمًا في استجابة الجسم للعلاج. فإذا تجاوز مؤشر كتلة الجسم عن النطاق الصحي، قد تصبح العملية أكثر تعقيدًا، وتقل فعالية الأدوية، مما يؤثر سلبًا على فرص الحمل.
صحة الرحم: يجب التأكد من أن الرحم قادر على احتضان الجنين، وذلك من خلال فحص دقيق للتأكد من عدم وجود مشكلات مثل الالتصاقات أو الضعف في بطانة الرحم، والتي قد تعيق انغراس الجنين.
قبل البدء بعملية التلقيح الصناعي، هناك سلسلة من الإجراءات الطبية المهمة التي تُمهّد الطريق للعلاج، وتشمل ما يلي:
يقوم الطبيب المختص بدراسة الحالة الصحية العامة للزوجين، بما في ذلك وجود أمراض مزمنة مثل السكري أو اضطرابات الغدة، أو تناول أدوية تؤثر على الخصوبة. كما يتم التحقق من المحاولات السابقة للحمل، سواء تمت بشكل طبيعي أو من خلال علاجات سابقة. هذا التقييم الشامل يساعد الطبيب على اختيار أنسب نوع من التلقيح الصناعي وفقًا لاحتياجات كل زوجين.
للزوجة: تشمل تحاليل هرمونية (مثل FSH، LH، AMH)، تصوير للرحم (مثل أشعة الصبغة أو السونار ثلاثي الأبعاد) للتأكد من سلامة الرحم وقناتي فالوب.
للزوج: تحليل شامل للسائل المنوي لقياس عدد الحيوانات المنوية، حركتها، وشكلها الطبيعي.
لزيادة فرص النجاح، يُنصح باتباع نمط حياة صحي يشمل تغذية متوازنة، الحفاظ على وزن مثالي، تجنّب التدخين والكحول والكافيين، والالتزام بتعليمات الطبيب بدقة. كما يُفضل إدارة التوتر النفسي من خلال الراحة والنوم الجيد والدعم النفسي، فهذه العوامل مجتمعة تُحسّن استجابة الجسم للعلاج وتعزّز فرص الحمل.
تمرّ عملية التلقيح الصناعي بعدّة مراحل تختلف حسب نوع التقنية المستخدمة، سواء داخل الرحم أو خارجه:
يُعد هذا النوع من التلقيح الصناعي من الإجراءات البسيطة نسبيًا، ويُستخدم غالبًا عندما تكون مشكلة طفيفة في الإباضة أو حركة الحيوانات المنوية. تبدأ الخطوة الأولى بتنشيط الإباضة باستخدام حبوب مثل “كلوميد” أو “ليتروزول”، تحفز المبايض لإنتاج بويضة ناضجة على الأقل. خلال هذه المرحلة، تُجري المرأة عدة زيارات للطبيب لمراقبة نضوج البويضات من خلال السونار المهبلي وقياس هرمون LH لتحديد موعد الإباضة بدقة.
بمجرد تحديد وقت التبويض المثالي، يُطلب من الزوج إعطاء عينة من السائل المنوي، والتي يتم تحضيرها في المختبر عن طريق تقنية “غسل الحيوانات المنوية”، حيث تُفصل الحيوانات المنوية النشيطة والسليمة عن باقي المكونات. بعدها، تُحقن هذه العينة مباشرة في داخل الرحم بواسطة أنبوب رفيع جدًا. هذا الإجراء سريع ولا يتطلب تخدير، وغالبًا ما يكون غير مؤلم أو يسبب انزعاجًا بسيطًا فقط.
يُعتبر هذا النوع من التلقيح الصناعي من أكثر الوسائل فعالية، ويُستخدم في الحالات الأكثر تعقيدًا، مثل انسداد قناتي فالوب، أو ضعف شديد في الحيوانات المنوية، أو فشل محاولات الحمل السابقة. تبدأ هذه العملية بما يُعرف بـ”تحفيز المبيض”، حيث تُعطى الزوجة أدوية هرمونية قوية (عادة حقن تحت الجلد) لمدة تتراوح من 10 إلى 14 يومًا، بهدف إنتاج عدة بويضات بدلاً من بويضة واحدة فقط. يُتابع الطبيب تطور البويضات يومًا بعد يوم باستخدام الموجات فوق الصوتية وفحوصات الدم، إلى أن تصل إلى الحجم المناسب.
عندما تنضج البويضات، تُجرى عملية “سحب البويضات” في مركز مختص، وهي عملية بسيطة تُجرى تحت تخدير خفيف عن طريق إبرة موجهة بالسونار المهبلي. في اليوم نفسه، يُجمع السائل المنوي من الزوج ويُحضّر مخبريًا، ثم تُخصب البويضات إما بالتقليح الطبيعي في طبق المختبر، أو عبر “الحقن المجهري” الذي تُحقن فيه حيوانات منوية مختارة مباشرة داخل البويضة.
بعد التخصيب، تُراقب الأجنة في المختبر لمدة 3 إلى 5 أيام. في اليوم الخامس عادة، يُختار واحد أو اثنان من أفضل الأجنة ليُعاد نقلها إلى رحم الزوجة عبر قسطرة رفيعة جدًا. وبعد 14 يومًا، يُجرى تحليل دم للكشف عن وجود الحمل من عدمه.
تشمل أهم التوصيات ما يلي:
تختلف نسبة النجاح حسب عوامل كثيرة، أهمها نوع التقنية المستخدمة، وعمر الزوجة، وصحة البويضات، وجودة الحيوانات المنوية، وعدد الأجنة المنقولة.
يتميز التلقيح الصناعي خارج الرحم بفعاليته العالية في تسريع حدوث الحمل، حيث تكون معدلات النجاح مرتفعة في كل دورة علاجية. بالنسبة للنساء اللاتي تقل أعمارهن عن 35 عامًا، تتراوح معدلات النجاح حوالي 50% لكل دورة. أما التلقيح داخل الرحم (IUI)، فإن معدلات نجاحه تتراوح بين 10% و20% لكل دورة علاجية.
لا يمكن تحديد التكلفة النهائية للعلاج بشكل دقيق إلا بعد استشارة الطبيب، وذلك بسبب وجود عدة عوامل تؤثر على السعر، والتي قد تختلف من حالة لأخرى حسب احتياجات كل مريض. تتكون الأسعار من العناصر التالية:
رغم أن التلقيح الصناعي آمن إلى حد كبير، إلا أن هناك بعض المخاطر المحتملة:
ليس التلقيح الصناعي نهاية المطاف، بل هو بداية جديدة، مليئة بالأمل والإصرار. قد يكون طريقًا صعبًا أحيانًا، لكنكِ لستِ وحدكِ. إن ملايين النساء خضن هذه الرحلة قبلكِ، ونجحن. السرّ هو الصبر، واختيار الفريق الطبي المناسب، والتفاؤل الدائم. ليست الأمومة دائمًا سهلة، لكنكِ قادرة، ونحن هنا لدعمكِ.
في حالة التلقيح داخل الرحم (IUI)، يُفضل أن يكون عدد الحيوانات المنوية بعد التحضير (الغسل) أكثر من 5 ملايين. إذا كان العدد أقل بكثير، قد يُنصح بالتوجه إلى التلقيح المخبري (IVF أو ICSI).
يمكن أن تظهر علامات مختلفة دالة على الحمل بعد العملية مثل تقلصات خفيفة، وانتفاخ البطن، ألم بسيط في الثدي، الشعور بالتعب العام، وتغيرات في المزاج. لكن تذكّري أن بعض هذه الأعراض ناتجة عن الأدوية المستخدمة في التلقيح، مثل البروجستيرون، لذلك لا يمكن الاعتماد عليها لوحدها.