تأجير الرحم: أنواع الرحم البديل، والخطوات
تأجير الرحم، أو ما يُعرف بـ”الرحم البديل”، هو أحد الخيارات المتقدمة في مجال علاج العقم، يُلجأ إليه عندما تعجز المرأة عن الحمل لأسباب طبية أو مهنية. في هذا الإجراء، يتم تكوين جنين باستخدام بويضة الزوجة والحيوان المنوي للزوج (أو من متبرعين حسب الحالة)، ثم يُنقل إلى رحم امرأة أخرى تُعرف بالأم البديلة. توافق هذه السيدة على حمل الجنين حتى الولادة، لتسليمه بعد ذلك إلى الوالدين الحقيقيين.
متى نحتاج إلى استئجار الرحم؟
فقد تفكرين في الاستعانة بأم بديلة لعدة أسباب:
- عدم وجود رحم
- مشاكل طبية في الرحم تمنع الحمل أو تسبب الاجهاضات المتكررة
- حالات حمل سابقة صعبة
- حالات تجعل الحمل مستحيلاً أو محفوفاً بالمخاطر، مثل أمراض القلب الحادة
- فشل العلاجات السابقة
كيفية العثور على الأم البديلة
الأصدقاء أو العائلة: في بعض الحالات، قد تفكر المرأة في اختيار أم بديلة من دائرة الأصدقاء أو أفراد العائلة. حيث إن وجود علاقة سابقة قائمة على الثقة قد يُسهّل التعامل وتجاوز التعقيدات. كما أن التكلفة العالية لبرامج تأجير الأرحام والإشكالات القانونية التي قد تنشأ بخصوص حقوق الأبوة والأمومة، فإن الاعتماد على شخص مقرّب يمكن أن يوفر بيئة أكثر استقرارًا ووضوحًا للطرفين.
مراكز تأجير الأرحام: يلجأ الكثير من الأزواج إلى وكالات متخصصة لتسهيل عملية تأجير الرحم، حيث تلعب هذه الوكالة دور الوسيط بين الطرفين. تقوم الوكالة بمساعدتك في اختيار أم بديلة مناسبة، والتنسيق بينكما لإتمام كافة الإجراءات الطبية والإدارية. بالإضافة إلى ذلك، تتولى الوكالة إدارة الأمور المالية، مثل تنظيم المدفوعات المتعلقة بالمصاريف الصحية والمعيشية للأم الحاملة، مما يضمن سير العملية بشكل قانوني ومنظّم، ويخفف من العبء النفسي والإجرائي على الوالدين.
أنواع تأجير الرحم
تأجير الرحم له شكلان رئيسيان:
الشكل التقليدي: حيث تستخدم الأم البديلة بويضتها الخاصة، ويتم تلقيحها بالحيوان المنوي للأب عن طريق حقن الحيوانات المنوية في الرحم. في هذه الحالة، تكون الأم البديلة هي الأم البيولوجية أيضًا، وهذا يُثير جدلًا قانونيًا وأخلاقيًا كبيرًا في بعض البلدان.
الشكل الحديث: وهو النوع الأكثر شيوعًا وحداثة، حيث لا تكون للأم البديلة أي علاقة وراثية بالجنين. يتم خلق الجنين عن طريق تلقيح بويضة المرأة (أو متبرعة) بحيوان منوي الزوج، ومن ثم يُزرع الجنين في رحم السيدة الحاملة. هذا النوع يعتبر أكثر أمانًا قانونيًا وأخلاقيًا، لأنه يحفظ العلاقة الوراثية بين الطفل وأمه البيولوجية.
في الغالب، يُفضل الأطباء والمراكز الطبية النوع الثاني لأنه يُقلل من التعقيدات النفسية والعائلية التي قد تنشأ فيما بعد.
شروط الأم البديلة
حتى الآن، لا توجد قوانين واضحة تحدد من يمكنه أن يكون أمًا بديلة. ومع ذلك، يتفق أغلب المختصين في هذا المجال على مجموعة من المعايير والإرشادات المهمة التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند اختيارها:
من الأفضل أن تكون الأم البديلة في عمر يتراوح بين 21 و42 عامًا، مع الإشارة إلى أن الفئة العمرية المثالية غالبًا ما تكون تحت سن 35.
من المهم أن تكون الأم البديلة قد سبق لها إنجاب طفل سليم واحد على الأقل، فهذا يمنحها دراية مسبقة بتجربة الحمل والولادة، ويساعدها على التعامل مع التحديات الجسدية والعاطفية التي قد ترافق حمل طفلٍ لن تكون بينهما علاقة بيولوجية.
يجب أن تكون الأم البديلة ضمن نطاق صحي للوزن، بحيث يكون مؤشر كتلة الجسم (BMI) أقل من 30، ويفضّل أن يقل عن 27. كما يُنصح ألا تكون قد أجرت أكثر من عمليتين قيصريتين في السابق، حفاظًا على سلامتها وصحة الحمل.
كم تستغرق عملية تأجير الرحم؟
عادةً ما تمتد رحلة تأجير الرحم من البداية حتى ولادة الطفل حوالي 12 إلى 18 شهرًا. يشمل هذا الوقت البحث عن الأم البديلة المناسبة، إتمام الفحوصات والعقود، التحضير الطبي ونقل الأجنة، وأخيرًا فترة الحمل الكاملة حتى الولادة.
كيف يتم تأجير الرحم؟
الخطوة الأولى: تقييم الطرفين (الزوجين والأم البديلة)
قبل أي إجراء، يجب أن يخضع كل من الزوجين والأم البديلة لفحوصات طبية ونفسية كاملة، تشمل تحليل الدم، والأمراض المعدية، فحص الرحم، وتقييم نفسي للتأكد من جاهزيتها العاطفية.
الهدف من ذلك هو التأكد من أن الزوجة لا يمكنها الحمل لأسباب طبية موثقة، والأم البديلة بصحة ممتازة، قادرة على تحمل الحمل دون مخاطر.
الخطوة الثانية: الاتفاق القانوني
هذه الخطوة ضرورية لحماية جميع الأطراف، يُكتب عقد قانوني يحدد الحقوق والواجبات بوضوح. يُذكر فيه: من هم الوالدان القانونيان، من يتحمل التكاليف، ماذا يحدث في حالة مضاعفات أو الحمل بالتوأم، أو حتى في حال الإجهاض.
الخطوة الثالثة: تحفيز المبيض والتخصيب (IVF)
تبدأ العملية بإعطاء أدوية لتحفيز المبايض، سواء للزوجة أو للمتبرعة بالبويضات. بعد نضج البويضات، يتم سحبها من خلال عملیة بسيطة وتحت تأثير التخدير. تُخصب هذه البويضات بالحيوانات المنوية الخاصة بالزوج في المختبر. بعد ذلك، تُراقَب الأجنة لعدة أيام حتى تصبح جاهزة للنقل إلى رحم الأم البديلة.
الخطوة الرابعة: تحضير الأم البديلة ونقل الأجنة
في هذه المرحلة، تبدأ الأم البديلة بتناول أدوية هرمونية لتهيئة بطانة الرحم لاستقبال الجنين. يتم اختيار أجنة قوية وسليمة، ثم تُنقل بعناية إلى رحم الأم البديلة في الوقت الأنسب. هذه العملية عادة ما تكون غير مؤلمة، وتشبه إلى حد كبير فحصًا مهبليًا بسيطًا.
الخطوة الخامسة: اختبار الحمل والمتابعة الطبية
بعد مرور 14 يومًا من نقل الأجنة، يتم إجراء تحليل دم للتأكد من حدوث الحمل. إذا كانت النتيجة إيجابية، تبدأ متابعة الحمل كأي حمل طبيعي. خلال هذه الفترة، تُجرى فحوصات دورية لمراقبة صحة الأم البديلة ونمو الجنين، وذلك من خلال زيارات منتظمة للطبيب المختص.
الخطوة السادسة: الولادة وتسليم الطفل
عند اقتراب موعد الولادة، يتم التنسيق بين الأم البديلة والوالدين الحقيقيين حول مكان الولادة والطريقة (طبيعية أو قيصرية). بعد الولادة، يُسلم الطفل إلى الوالدين وفقًا لما تم الاتفاق عليه في العقد القانوني.
حكم تأجير الرحم
يُعد تأجير الأرحام من المواضيع المثيرة للجدل في المجتمعات الاسلامية، إذ ترفضه غالبية الفتاوى السنية بسبب المخاوف المتعلقة بخلط الأنساب والتعارض مع المبادئ الشرعية.
أما في بعض الدول ذات الغالبية الشيعية، فيتم التعامل مع تأجير الأرحام برؤية مختلفة، إذ يراه بعض العلماء مقبولًا ضمن ضوابط معينة، ويُشبهونه بحالة “الرضاع”، حيث لا تعتبر المرضعة أمًا بيولوجية، لكنها تساهم في رعاية ونمو الطفل، ما يفتح بابًا لاعتبار الأم البديلة مجرد حاضنة وليست الأم الحقيقية.
في أي دول يجوز تأجير الرحم؟
تختلف القوانين من دولة إلى أخرى، على سبيل المثال:
- الولايات المتحدة (في بعض الولايات فقط)
- أستراليا (بدون تعويض مالي)
- كندا (بدون تعويض مالي)
- جورجيا (قانوني سواء لأغراض ودية أو تجارية)
- اليونان (قانوني سواء لأغراض ودية أو تجارية)
- إيران (قانوني سواء لأغراض ودية أو تجارية)
بالمقابل، فإن معظم الدول العربية تحظر تأجير الأرحام، سواء لأسباب دينية أو قانونية. كذلك تمنعه دول مثل فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، والسويد. ولهذا يُنصح بشدة بالاطلاع على قوانين الدولة المقصودة قبل اتخاذ أي قرار.
تكلفة تأجير الرحم
تتفاوت تكلفة تأجير الأرحام بشكل كبير بحسب البلد، نوع المركز الطبي، ونوع الاتفاق (سواء ربحي أو إنساني). على سبيل المثال:
- في الولايات المتحدة، قد تتجاوز التكاليف حاجز 200,000 دولار بسبب ارتفاع أجور الأم البديلة، والرعاية الصحية الشاملة.
- في دول مثل جورجيا، تكون أقل بكثير، وتتراوح عادةً بين 30,000 إلى 50,000 دولار.
- أما في إيران، فالتكاليف تُعد معتدلة نسبيًا، وتبدأ من حوالي 15,000 إلى 20,000 دولار.
تشمل هذه المبالغ: أتعاب الأم البديلة، التحاليل الطبية، الأدوية، إجراءات التخصيب، متابعة الحمل، الولادة، وأحيانًا نفقات قانونية وتأمينية إذا اقتضت الضرورة في الدولة المعنية.
اقرأ المزيد عن هذا الموضوع: تأجير الرحم في ايران
نسبة نجاح الرحم البديل
للأسف، لا يوجد رقم ثابت يمكن اعتماده كمعدل نجاح نهائي لتجربة تأجير الأرحام، لأن هناك العديد من العوامل التي تساهم في ذلك. فصحة الأم البديلة، وعمر صاحبة البويضة، وجودة البويضات والحيوانات المنوية، وحتى ظروف المركز الطبي المستخدم، كلها عوامل تلعب دورًا مهمًا في النتيجة.
مع ذلك، يُجمع معظم الخبراء على أن نسب النجاح حسب عمر صاحبة البويضة تتفاوت تقريبًا كما يلي:
- تحت سن 35: 46%
- سن 35-37: 34%
- سن 38-40: 21%
- سن 41-42: 10%
- فوق 42: 3%
اضرار تأجير الرحم
رغم أن هذه العملية تعتبر آمنة إذا تم في مركز متخصص، إلا أنه يمكن أن تحدث بعض مضاعفات لصاحبة البويضة والرحم:
مضاعفات أدوية تحفيز المبايض: يمكن أن يحدث آثار مثل آلام البطن، والتقلبات المزاجية، والصداع، ومتلازمة فرط التنشيط.
مشاكل صحية للأم البديلة: مثل النزيف، وتسمم الحمل، وسكري الحمل، وارتفاع ضغط الدم.
مضاعفات للأجنة: كالإجهاض، الحمل المتعدد، أو ولادة مبكرة.
في الختام:
يُعد تأجير الرحم خيارًا طبيًا متقدمًا لمن تعذر عليهنّ الحمل لأسباب صحية أو فشل المحاولات الأخرى. رغم فعاليته، إلا أنه محاط بتحديات قانونية، دينية، ونفسية تختلف من مجتمع لآخر. يعتمد نجاح هذه العملية على اختيار أم بديلة مناسبة، واتباع خطوات طبية وقانونية دقيقة.
الأسئلة الشائعة:
هل يرث الطفل صفات الأم البديلة؟
لا، الطفل الناتج عن عملية تأجير الرحم لا يرث أي صفات وراثية من الأم البديلة، لأن الجنين يتم تكوينه من بويضة الأم البيولوجية (أو المتبرعة) والحيوان المنوي للأب. دور الأم البديلة يقتصر فقط على حمل الجنين في رحمها حتى الولادة، دون أن تكون هناك أي مساهمة جينية منها.
هل يمكن أن ترفض الأم البديلة تسليم الطفل؟
في الدول التي تمتلك قوانين واضحة ومنظمة بشأن تأجير الأرحام، يتم توقيع عقد قانوني ملزم قبل بدء العملية، ينص صراحة على أن الأم البديلة لا تمتلك أي حقوق أبوية تجاه الطفل. لكن في البلدان التي لا يوجد فيها تنظيم قانوني دقيق لهذه العملية، أو التي تُعتبر فيها تأجير الأرحام منطقة رمادية أو غير قانونية، قد تظهر مشاكل قانونية ونزاعات معقدة.
المراجع:
https://www.webmd.com/infertility-and-reproduction/using-surrogate-mother
https://www.healthline.com/health/pregnancy/surrogate-mother#legal-issues
https://www.yalemedicine.org/conditions/gestational-surrogacy#:~:text=The%20ideal%20surrogate%20falls%20within,full%2Dterm%20delivery%20without%20complication.
https://adonisfertilityintl.com/success-rates/