الحقن المجهري

الحقن المجهري

في الطريقة التقليدية (IVF)، توضع البويضات والحيوانات المنوية في طبق مختبر، مما يسمح للحيوانات المنوية بالتحرك بشكل طبيعي نحو البويضات واختراقها، محاكاةً للإخصاب الطبيعي. عادةً ما يستغرق الإخصاب ليلة كاملة. لكن الحقن المجهري هو حقن حيوان منوي حي واحد في البويضة تحت المجهر بدلاً من اختراقها طبيعياً.

 تُوصى بهذه الطريقة عندما يعاني الرجل من انخفاض شديد في عدد الحيوانات المنوية أو جودتها. لكن اليوم، عادةً ما يفضل الأطباء استخدام الحقن المجهري في جميع حالات العقم، لزيادة فرص التخصيب.

متى يُستخدم الحقن المجهري؟

يعتبر الحقن المجهري خيارًا مثاليًا في حالات معينة من العقم، خصوصًا عند وجود مشاكل في خصوبة الرجل، مثل:

  • انخفاض عدد الحيوانات المنوية
  • ضعف حركة الحيوانات المنوية أو شكلها غير الطبيعي
  • القذف الرجعي (تدفق السائل المنوي إلى المثانة)
  • استخدام الحيوانات المنوية المجمدة
  • لم يُسفر التلقيح الصناعي التقليدي عن تكوين أجنة
  • قلة عدد البويضات

الإجراءات قبل الحقن المجهري

مراجعة التاريخ الطبي:

قبل بدء أي خطوة، يقوم الطبيب بجمع معلومات شاملة عن التاريخ الطبي للزوجين، بما في ذلك حالات العقم السابقة ومدة المحاولات غير الناجحة، إضافة إلى وجود أمراض مزمنة مثل السكري أو اضطرابات الهرمونات. كما يُؤخذ بعين الاعتبار انتظام دورات الطمث لدى المرأة، وأي عمليات جراحية سابقة خاصةً تلك المرتبطة بالجهاز التناسلي، وكذلك الأدوية التي يتم استخدامها بانتظام. كل هذه التفاصيل تساعد الطبيب على وضع خطة علاج دقيقة ومناسبة لكل حالة.

الفحوصات والتحاليل:

يطلب الطبيب مجموعة من الفحوصات المهمة لتقييم حالة الخصوبة لدى الزوجين، مثل:

  • للزوجة: فحوصات الهرمونات (FSH، LH، AMH، البرولاكتين، الغدة الدرقية…)، تصوير الرحم والمبايض، وتحليل مخزون المبيض.
  • للزوج: تحليل السائل المنوي للكشف عن عدد وجودة وحركة الحيوانات المنوية.
  • اختبارات الدم العامة لكلا الزوجين، بما فيها فحوصات الفيروسات والالتهابات (مثل التهاب الكبد والإيدز).

تعديل نمط الحياة:

من المهم جدًا تحضير الجسم والعقل قبل البدء بالحقن المجهري. لذلك يُنصح بـ:

  • اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفيتامينات والمعادن.
  • الإقلاع عن التدخين والكحول وتقليل الكافيين.
  • ممارسة الرياضة الخفيفة بانتظام لتحسين الدورة الدموية.
  • تجنب التوتر والضغوط النفسية قدر الإمكان.
  • الحفاظ على وزن صحي؛ فزيادة أو نقص الوزن قد يؤثر على التبويض أو جودة السائل المنوي.

كم تستغرق عملية الحقن المجهري؟

تستغرق دورة الحقن المجهري بالكامل عادة ما بين 4 إلى 6 أسابيع، تبدأ من اليوم الأول للدورة الشهرية. في البداية، تستمر مرحلة تحفيز المبيض حوالي 10 إلى 14 يومًا، يليها سحب البويضات خلال 36 ساعة من حقنة التفجير. بعد الإخصاب، تُراقب الأجنة في المختبر لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 أيام. ثم يتم نقل الأجنة إلى الرحم، ويُوصى بالراحة والانتظار نحو أسبوعين قبل إجراء تحليل الحمل الرقمي للتأكد من نجاح العملية.

مراحل الحقن المجهري

تمر عملية الحقن المجهري بعدة مراحل دقيقة ومترابطة:

1. تحفيز المبيض: 

تحفيز المبيض هو المرحلة الأولى من العلاج، حيث تُعطى الزوجة أدوية هرمونية على شكل حقن يومية لمدة تتراوح بين 10 إلى 14 يومًا، وذلك لتحفيز المبيض على إنتاج عدد أكبر من البويضات الناضجة بدلًا من بويضة واحدة كما يحدث طبيعيًا، ويتم خلال هذه الفترة متابعة دقيقة بواسطة السونار المهبلي وتحاليل الدم لقياس مستويات الهرمونات وضمان استجابة المبيض بشكل مناسب للعلاج.

2. سحب البويضات: 

عند التأكد من نضج البويضات ووصولها إلى الحجم المناسب، تُسحب بواسطة إبرة دقيقة تحت تخدير خفيف وتوجيه بالسونار، في إجراء يستغرق حوالي 15 إلى 20 دقيقة، ويمكن العودة إلى المنزل في نفس اليوم.

3. جمع الحيوانات المنوية: 

يتم جمع عينة من السائل المنوي من الزوج في يوم سحب البويضات، وتُحضّر بعناية في المختبر لفصل الحيوانات المنوية السليمة والنشيطة، وفي بعض الحالات التي يعاني فيها الزوج من انسداد أو انعدام الحيوانات المنوية في القذف، تُستخرج الحيوانات المنوية جراحيًا من الخصية أو البربخ باستخدام تقنيات دقيقة.

4. الحقن المجهري وتخصيب البويضات:

في مرحلة الحقن المجهري، يُختار حيوان منوي واحد سليم بعناية ويُحقن مباشرة داخل سيتوبلازم كل بويضة ناضجة باستخدام إبرة ميكروسكوبية دقيقة تحت المجهر، ما يعزز فرص الإخصاب في الحالات التي تعاني من ضعف في جودة أو عدد الحيوانات المنوية.

5. مراقبة الأجنة:

تُترك البويضات المخصبة داخل حاضنات خاصة لمدة 3 إلى 5 أيام، حيث تتم مراقبتها بدقة لمتابعة انقسامات الخلايا وتحديد الأجنة الأقوى والأكثر جودة لنقلها لاحقًا إلى الرحم.

6. ترجيع الأجنة:

يتم نقل جنين أو اثنين بعناية إلى داخل الرحم باستخدام قسطرة رفيعة تمر عبر عنق الرحم، وهي عملية بسيطة لا تحتاج إلى تخدير. أما الأجنة المتبقية ذات الجودة الجيدة، فيمكن تجميدها لاستخدامها في محاولات لاحقة إذا لزم الأمر.

نصائح بعد عملية الحقن المجهري

بعد نقل الأجنة، تبدأ فترة الانتظار التي تُعرف بـ”أصعب أسبوعين” نفسيًا، وهي الفترة التي تسبق تحليل الحمل. إليكِ بعض النصائح الهامة للتعامل مع هذه الفترة:

الراحة النسبية: لا حاجة للنوم الكامل في السرير، ولكن يُفضل تجنب الأنشطة المجهدة أو الرياضات العنيفة التي قد تؤثر سلبًا على الجنين.

الاستمرار في الأدوية: من الضروري الاستمرار في تناول الأدوية الموصوفة، خصوصًا هرمون البروجستيرون، الذي يساعد في دعم بطانة الرحم وثبات الأجنة.

الغذاء الصحي: من المهم تناول غذاء متوازن يحتوي على البروتين، الفواكه، والخضروات، مع تجنب تناول الأطعمة النيئة أو الملوثة التي قد تؤثر على صحتك وصحة الجنين.

الهدوء النفسي: القلق الزائد قد يؤثر بشكل سلبي على فرص الحمل، لذا يُنصح بممارسة تمارين الاسترخاء أو الاستماع إلى موسيقى هادئة للمساعدة في تقليل التوتر.

عدم إجراء تحليل الحمل مبكرًا: من الأفضل عدم إجراء اختبار الحمل قبل مرور 14 يومًا على الأقل، لأن الأدوية قد تُعطي نتائج غير دقيقة في وقت مبكر.

نسبة نجاح الحقن المجهري 

يمكن أن يساعد الحقن المجهري بشكل كبير في حدوث الإخصاب، خاصة إذا كانت الحيوانات المنوية ضعيفة أو قليلة. في كثير من الحالات، يتم تخصيب حوالي 50 إلى 60% من البويضات بهذه الطريقة. لكن رغم ذلك، فرصة حدوث الحمل بعد الحقن المجهري تشبه إلى حد كبير الطريقة العادية، لأن نجاح الحمل لا يعتمد فقط على التخصيب، بل أيضًا على جودة البويضات وصحة الرحم واستجابة الجسم للعلاج.

وتجدر الإشارة إلى أن عمر المرأة يلعب دورًا مهمًا؛ فالنساء دون سن 30–35 عامًا يتمتعن بمعدلات حمل قد تتجاوز 40% في كل دورة، بينما تنخفض هذه النسبة بشكل حاد لتصل إلى 2% فقط بعد سن 42.

تكلفة الحقن المجهري 

يُعد الحقن المجهري من العلاجات المكلفة نسبيًا، إذ تشمل التكاليف عادةً عدة جوانب مثل أدوية تنشيط المبيض، التحاليل الدورية، إجراءات سحب البويضات، تحضير الحيوانات المنوية، ثم مرحلة الإخصاب ونقل الأجنة، إلى جانب المتابعة الطبية الدقيقة. كما أن الإقامة في مركز متخصص أو التنقل بين المدن قد يُضيف أعباء مالية إضافية، خاصة في حال تكرار المحاولة أكثر من مرة.

بالإضافة إلى ذلك، يختار بعض الأزواج خيارات إضافية مثل تجميد الأجنة الفائضة لاستخدامها لاحقًا، أو إجراء تحليل جيني للأجنة (PGD أو PGS) للتأكد من سلامتها الوراثية قبل النقل، وهو ما يُستخدم غالبًا في حالات العقم المعقدة أو لتجنّب الأمراض الوراثية. هذه الإجراءات تُحسّن فرص النجاح لكنها ترفع التكلفة الكلية بشكل واضح. لذلك، من المهم أن يكون لدى الزوجين فكرة واضحة عن الميزانية المطلوبة والتخطيط المسبق قبل البدء، خاصة أن بعض الدول لا تُغطي هذه التكاليف بالتأمين الصحي.

إضافة إلى ذلك، تتفاوت الأسعار بشكل كبير بين الدول، تُعد الهند ومصر وإيران من بين الدول الأرخص، حيث تتراوح التكلفة بين 1500 إلى 3000 دولار للجلسة الواحدة، ما يجعلها خيارًا شائعًا لمن يبحث عن علاج فعال بتكلفة معقولة. في تركيا والأردن ترتفع الأسعار قليلًا لتصل إلى حوالي 3000–5000 دولار. أما في الدول الأوروبية مثل إسبانيا أو اليونان فتتراوح بين 5000 إلى 8000 دولار، في حين تُعد أمريكا وبريطانيا من أغلى الدول، حيث قد تتجاوز التكلفة 15,000 دولار للجولة الواحدة دون احتساب التكاليف الإضافية مثل الأدوية أو تجميد الأجنة.

مخاطر الحقن المجهري

رغم أن الحقن المجهري يُعد من أكثر تقنيات الإنجاب المساعدة تطورًا وفعالية، إلا أنه لا يخلو من بعض المخاطر والمضاعفات المحتملة. إليك أهم هذه المخاطر:

فرط تحفيز المبيض: یحدث نتيجة لاستجابة زائدة للأدوية، ويسبب الانتفاخ والألم.

الحمل المتعدد: يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات عديدة سواء للأم أو للجنين.

الإجهاض: يزداد احتمال الإجهاض قليلاً حسب الحالة والعمر.

العيوب الخلقية: احتمال نادر لظهور تشوهات خلقية.

فشل العملية: قد لا يحدث تخصيب أو حمل رغم المحاولة.

مضاعفات الإجراء: احتمال نزيف أو عدوى أثناء سحب البويضات.

الخاتمة

الحقن المجهري ليس فقط تقنية طبية، بل هو أملٌ حقيقي لأزواج طال انتظارهم. ورغم ما يحمله من تحديات، إلا أن نتائجه المُبشّرة وتجارب آلاف العائلات التي رزقت بطفل بعد سنوات من المحاولات الفاشلة، تجعله خيارًا يستحق التفكير والثقة. السر في النجاح لا يعتمد فقط على الطبيب أو المركز، بل على التفاهم، الصبر، والدعم المشترك بين الزوجين، لأن رحلة الإنجاب هي رحلة ثنائية تبدأ بالعلم وتُتوَّج بالمحبة.

الأسئلة المتكررة:

هل يمكن الولادة الطبيعية بعد الحقن المجهري؟

نعم، يمكن الولادة الطبيعية بعد الحقن المجهري إذا كان الحمل يسير بشكل جيد ووضعية الجنين مناسبة. تُفضَّل القيصرية أحيانًا في حالات الحمل الحساس أو بعد محاولات عديدة. يعتمد القرار النهائي على صحة الأم والجنين وتوصيات الطبيب.

كيف تكون صحة اطفال الحقن المجهري؟

صحة الأطفال المولودين عن طريق الحقن المجهري (ICSI) لا تختلف بشكل كبير عن الأطفال المولودين بالطريقة الطبيعية، ولكن هناك بعض المخاطر المحتملة مثل زيادة خطر العيوب الخلقية أو الوراثية بسبب استخدام أمشاج غير طبيعية. 

ما هي اسباب نزول افرازات بنيه بعد الحقن المجهري؟

البقعة البنية ناتجة عن كمية صغيرة من النزيف خلف المشيمة ، لكن عليك أن تكوني حذرًا قليلاً وأن تأخذي قسطًا من الراحة. لا تمارسي الجنس ولا تقومي بعمل شاق، وفي نفس الوقت راجعي الطبيب للتحقق من سبب ظهور البقع البنية. إذا استمر هذا التبقع ، فمن الأفضل أن ترى أخصائيًا يصف تحميلة البروجسترون لمنع الإجهاض.

 

المراجع:

https://my.clevelandclinic.org/health/treatments/22463-intracytoplasmic-sperm-injection

https://www.sartcorsonline.com/EmbryoOutcome/PublicSARTOutcomeTables

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آراء المرضی